احتفل معظم سكان العالم برأس السنة الميلادية، لكن في شمال شرقي سوريا، التي تتمتع بتنوع عرقي وديني، يختلف تعداد السنين ومواعيد الاحتفال والتقاليد بين فئة وأخرى.
مع كل حضارة ومعتقد اعتمد البشر على آلية احتساب مختلفة، غالبًا ارتبطت تقاويم العالم القديم بالمناسبات الزراعية أو الفلكية، وسنتعرف إلى أبرزها:
6771 «آكيتو».. أقدم التقاويم والاحتفالات
في ليلة الاعتدال الربيعي، التي يتساوى فيها الليل والنهار، أعلن البابليون، في بلاد الرافدين، بداية العام الجديد، مطلقين تقويمًا تناقلته حضارات متعاقبة، من الأكاديين والعموريين والآشوريين والكلدان والسريان في سوريا والعراق.
بدأ اعتماد التقويم البابلي انطلاقًا من العام 4747 قبل الميلاد وحتى العام 100 ميلادي، حين توقف اعتماده سوى من بعض الآشوريين في المنطقة، محتفلين به بالأول من نيسان من كل عام.
سجل أول احتفال برأس السنة عام 2000 قبل الميلاد، وسمي «آكيتو» اشتقاقًا من الكلمة السومرية التي تعني الشعير، والذي كان يحصد في الربيع، وتضمن شعائر مختلفة خلال 12 يومًا، حمّلها البابليون معان دينية.
احتفى «آكيتو» بالنصر الأسطوري لإله السماء «ماردوك» على إلهة البحر الشريرة «تيامات» وكان يتوج خلاله الملك الجديد أو يجدد العهد له، بطقوس تضمنت أن يحلف الملك على أنه قاد المدينة بشرف في العام السابق ثم يتعرض للضرب والإذلال حتى يبكي إرضاءً لـ»ماردوك».
2720 عامًا من «النوروز»
«اليوم الجديد»، يحتفل به أكثر من 300 مليون شخص في أنحاء العالم، وهو يوم الاعتدال الربيعي، يستمر خلال يومي 20 و21 آذار، يرتدي فيه الكرد اللباس التقليدي ويجتمعون للرقص وتبادل الأطعمة.
يحتفي «النوروز» بانتصار الشعب على الحاكم الطاغية، الملقب بـ»الضحاك»، والذي تسبب بلعنة على مملكته التي لم تكن تشرق الشمس فيها، لقيامه بقتل طفلين كل يوم حتى يقدم أدمغتهم لثعبانين على كتفيه.
رفض «كاوا» الحداد أن يقدم طفلته للملك، وخدعه مقدمًا دماغ خروف، قبل أن يلجأ بها إلى الجبل، حيث أرسل بقية الناس أبنائهم معتمدين الحيلة ذاتها على الملك، إلى أن تحول الأطفال إلى جيش تمكن من إنهاء عهد «الضحاك».
ولإرسال خبر هزيمة الملك إلى الناس في أنحاء البلاد، أشعل أنصار «كاوا» نارًا عظيمة أضاءت السماء، وفي ذلك الصباح بدأت الشمس تشرق من جديد، وبقي إشعال النار من العادات المستمرة خلال العيد حتى اليوم.
2021 غير متصلة من التقويم الميلادي
في الروزنامة الرومانية الأولى، كان الأول من آذار هو موعد بدء العام الجديد، الذي لم يكن به سوى 304 أيام ضمن عشرة أشهر، وبعد إضافة شهري كانون الثاني وشباط عام 700 قبل الميلاد، حدد الرومان الأول من كانون الثاني في عام 153 قبل الميلاد موعد بدء العام المدني، الذي تجددت عنده دورة مجلسي مستشاري الدولة وبرلمانها.
في عام 46 قبل الميلاد اعتمد يوليوس قيصر التقويم الشمسي بدل القمري وأبقى على الأول من كانون الثاني موعدًا لبدء العام الجديد، حتى عام 567 حين ألغي ذاك الاحتفال وتحول إلى 25 من كانون الأول الموافق عيد ميلاد المسيح، أو الأول من آذار أو25 من آذار في عيدي البشارة والفصح.
وفي عام 1582 اعتمدت معظم دول العالم الغربي التقويم الميلادي الغريغوري، الذي أعاد الاحتفال إلى الأول من كانون الثاني، وانتشر حول العالم مع الحملات الاستعمارية وتوسع الثقافة الغربية.
1442 دورة للقمر على الهجرة النبوية
يصادف رأس السنة الهجرية 9 من آب للعام الحالي، ورغم اسمه الذي يشير إلى موعد هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة، إلا أنه لا يطابقها، لأنها كانت في شهر ربيع الأول، في حين عين الخليفة عمر بن الخطاب بداية العام في الأول من محرم، بعد 17 عامًا على الهجرة.
يعتمد التقويم الهجري على التقويم القمري الذي اعتمدته العرب قبل قرون، وحافظ على أسماء الأشهر فيها، ومع اختلاف الدورة القمرية عن الشمسية، التي توافقها فصول السنة، يختلف موعد الأشهر الهجرية عامًا تلو الآخر.
آلاف السنين على «الأربعاء الأحمر»
في الأربعاء الأول من شهر نيسان الشرقي من كل عام، يجتمع الإيزيدون في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران ومناطق أخرى في أوروبا وآسيا للاحتفال برأس السنة.
تعود العقيدة الإيزيدية لآلاف السنين، إلى زمن الأكاديين والبابليين والآشوريين، ويحتفل متبعوها ببداية العام مع قدوم فصل الربيع ونمو شقائق النعمان المعروفة بلونها الأحمر القاني، الذي يماثل لون الدماء التي سرت في جسد آدم حتى بعثت الحياة على الأرض.