1
البيت الذي انكسرت كتفه
النافذة المفقوءة..
البيت المتألمُ
بأصابعه المتشققة
وظله المهتزِّ
يحرس أرواح الغائبين
البرميل البليغ
لم يصب البناية وحدها
لم ينثر اللحم والحديد فقط
..
حتى النائمين في أقاصٍ بعيدة
مستهم الريح ..
2
البرميل الجَموح
جيش أزاميلَ ..
البيوت الحديثة تتناثر
أما العتيقة
فتذوب ..
3
وجهكِ تحت القصف ..
آخرُ ..
دمعٌ قلقٌ يتشكل
حواسٌّ متحفزة
وصمتٌ طافحٌ يدور
يدور
تحت القصف
تغدين أجمل ..
4
السماء غراب مكسور المنقار
والدبابة قطةٌ
والشمس كعادتها
نصف برتقالة
والطلقات نمال في الجدار تسير
ام تروي لجثة ابنها
5
الأبدية هي الأخرى
تجري مع الناس
بين أقدار متعثرة
الأطفال يجرون في الشارع
يعلقون أحشاءهم على مقابض الأبواب
ويلونون الجدران ببقايا وجوههم
ويضحكون بلا عيون
“كابوس لميت تحت الردم”
6
عتبة البيت
العتبة الصغيرة الباردة
تغسلها الدهشة
بما رأته
بعد أن صارت على السطح
ألمانيا 2014
سؤال الضفة
في ضوء التصدّعات الكبيرة و العميقة التي أصابت المنطقة في العشريّة الأخيرة على مختلف مستوياتها السياسية و الإجتماعية والديموغرافية وغيرها. أين تقف الفنون، الأدب و الشعر من كل هذا ؟
أي مستقبل، ملامح، صوت أو دور لها بين طغيان السلاح وصراع الهويّات؟
يجيب عزّاوي:
كان عندي أمل كبير بأن الزلزال الذي أصاب سورية سيفجر أساليب كتابة جديدة مدهشة تمس العمق البشري. بأن التجربة الإنسانية التي مرت فيها البشرية لدينا ستترك بصمتها في التاريخ.
وبالتأكيد كنت متأثراً بانفجار التيارات الفكرية والمدارس الفنية في أوروبا وبخاصة في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. أو بحرارة الكتابة في أمريكا الجنوبية بعد تجارب طويلة مع الديكتاتوريات. ولكن ما جرى لم يتوافق مع توقعاتي.
لم نتمكن (على حد علمي على الأقل) من رصد التغيرات النفسية العميقة التي أصابتنا جميعا. لم تحصل طفرة أو تحول نوعي في الكتابة يجيب على الأسئلة الجديدة للمجتمع او لبقاياه.لم ننجح في إنتاج كتابة أو فنون تتجاوز تقديم السوريين خارج إطار الضحية او الأبطال. كتابة تركز على هجاء الديكتاتور ورثاء ضحاياه.
ويتابع عزاوي:
بعد فترة توقعت أن تتطور أساليب جديدة بعد انهيار التيارات الفكرية التي كانت مسيطرة قبل الثورة.
كالتيارات اليسارية أو القومية. كنت أتوقع أن يتطور أسلوب العبث مثلاً لدينا.
لأنه يرثي العالم، كذلك يقدم أسئلةً وجودية خارج المقاربات المكرورة. لكن الأمر لم يتحقق، بل حصل أمر آخر وهو خروج عدد كبير من الكتاب إلى المنافي. وهناك تغير المجرى في اتجاه آخر( أتمنى أن أكون مخطئا في تفسيره).
وهو أن المراكز الثقافية في المنافي ودور النشر، تتوقع صيغ محددة من الكتاب السوريين تركز على هول المأساة أكثر من نقدها. كتابة تعتمد على التشكّي لا البحث. نمطية التلقّي هنا أدت إلى نمطية مشابهة في الإنتاج.
الأوروبيون لا يهتمون فعلاً في فهم ما جرى، ويكتفون بتعاطف سطحي غالباً تجاه لاجئين باتوا آمنين في أوروبا، الكتابة المعقدة تصبح مربكة.
لعل الفن التشكيلي كان أفضل إلى حد ما بسبب تجاوز مشاكل مثل الترجمة والتبعية لجهات النشر.
ولكني لا أستطيع أن أقول أننا قدمنا خطاً جديداً فعلاً.
عبد الوهاب العزاوي، شاعر ورسام سوري، يعمل طبيباً للعيون. صدر له: “حزن فوضوي”، “فضاءات الحرية” و”موزاييك الحصار”. يقيم في ألمانيا منذ عام 2013
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقرأ أيضا.. رسالة من تحت الأرض